لماذا لا يوجد خالق؟

سؤال ربما يسأله المؤمن للملحد لماذا لايوجد خالق؟

وينظر المؤمن للملحد على أنه شخص ناقص ويريد هذا الملحد أن يثبت بأنه غير ناقص، هكذا نحن تعودنا بأن ينظر لنا المؤمنين. ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل ينظر الشخص المؤمن بستغراب كيف يمكن للملحد أن يتصور الكون بدون خالق؟

يجب أن نسأل المؤمن ويسأل نفسه أيضاً ما الحكمة من خلق الخالق للكون؟

هذا هو الفرق بين من يفكر ومن لايفكر ولهذا تنص الفلسفة على أن كل الملحدين مفكرين. مايريده الملحد هو فقط حكمه لخالق خلق الكون. لاتوجد حكمه ولا فلسفة ولا منطق واحد من وجود آلهة خلقت الكون والحياة ووضع ميثلوجيات دينية، فما الداعي الجوهري لوجود كون ووجود حياة وبشر أخلقهم لأختبرهم ثم أحاسبهم والخالق هو من خلق البشر. وكل صانع خبير بصنعته.

فحينما يصنع الإنسان الحاسوب يعرف مالغرض الذي سيلبيه له هذا الحاسوب وفق ما برمجه عليه، وعندما يصنع الإنسان السيارة والطيارة يعرف ما الغرض الذي سيؤديانه وطبيعة عملهم ووظائفهم وخصائصهم. وإذا كان هنالك خطئ في الصنعة يحاسب الإنسان نفسه ويراجع نفسه من أجل تخطي هذا الخطأ وتطويره لسبل الأمثل.

كما أن الخالق الذي خلقنا يعرف مالذي سنقوم به في حياتنا لأن هذا الخالق وكما فهمنا من الأديان بأنه يعلم الغيب، فما المنطق الذي يجعلة يخلقنا ليختبرنا؟ .. مادام يعرف الغيب حقاً انه غباء من المؤمنين به، أو غباء من الخالق.

فهو خلقنا ويعرف مالذي سنفعله ويعرف الغيب.. فما الداعي اساساً من خلقنا واختبارنا ثم محاسبتنا على النتيجة، وفي آية قرآنية يختار لنا الهداية والضلال بمشيئته ثم سيحاسبنا على اختيار هو أختارة لنا {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }فاطر8 .. فمالحكمة من الأختبار والحساب مادام هو سيختار لنا مصيرنا؟

فإذا أنكر المخلوق خالقه فالعيب ليس في المخلوق بل في الخالق الذي لم يعطي دليل وجودي أو حسي على وجودة ولا حتى أدنى حكمه تستخلص من وجود هذا الكون والحياة كما يدعي المؤمنون وميثلوجياته الدينية سوى العبثية التي لامعنى لها. وبدلاً من أن يحاسبنا على عدم إيماننا يجدر به إن يحاسب نفسه لأنه لم يعطنا دليل منطقي واحد على وجودة فلا خير أساساً في عبادته.

فالنقص ليس في عقلية من يفكر، بل النقص في عقلية من يتقبل الأمور بدون تحليل عقلي وبدون تفكير وبدون مراجعة وبدون تشكيك وهذا مانسميه غباء فجميع هذه الصفات نجدها في عقلية الأغبياء والمجانيين أن لم تفكر وتشك فأنت غبي ومجنون.

وكما يقول الفيلسوف الكبير إفلاطون:
نحن مجانين إذا لم نستطع أن نفكر ومتعصبون إذا لم نرد أن نفكر وعبيد إذا لم نجرؤ أن نفكر.

لنفترض عزيزي القارئ أنا وشخص مؤمن ذهبنا للصحراء أي صحراء كانت والصحاري مناطق قاحلة ينعدم فيها توفر مقومات الحياة.
وهنالك وجدنا شجرة مثمرة ظهرت في وسط الصحراء، فقلت أنا أن هذه الشجرة ظهرت نتيجة لتوفر مقومات الحياة واستطاعتها على التكيف مع بيئتها الصحراوية.

أما المؤمن قال لا اتفق معك .. هنالك فلاح زرع هذه الشجرة. فلا يمكن لشجرة بأن تمنو ألا بوجود فلاح يرعاها ويداريها.
هكذا هم المؤمنين يؤمنون بغير المنطق ولا يؤمنون بالمنطق.

ولكن أنا أقول بأنه لايوجد أي دليل على وجود فلاح هنا .. فهذه صحراء ولا تبدو بأنها ارض محروثة ولا يوجد مصدر ماء هنا. وما الحكمة التي تستدعي هذا الفلاح أن يزرع فقط شجرة واحدة في الصحراء. ثم لماذا هذا الفلاح زرع هذه الشجرة فقط التي استطاعت أن تنمو في الصحراء؟ والصحراء لاتصلح اسساً لأي نوع آخر من الزراعة ولكن هنالك عوامل مسببه ساعدت الشجرة على النمو واستطاعت التكيف وامتلك خواص تساعدها على هذه البيئة .. أذن لايوجد فلاح هنا .. بل كان هنالك سبب ما .. وهذه نتيجته. حيث توفرت مقومات الحياة واستطاعة الشجرة أن تنمو.

(الشجرة كانت نبتة الصبار)

الآن الصحراء هي الفضاء الخارجي والشجرة هي كوكبنا الأرض وأنا أناقش هذا الموضوع هنا. فضاء شاسع لايصلح لوجود حياة .. والحياة موجودة فقط على كوكب الأرض.. فما الحكمة من خلق كل هذا الفضاء الشاسع الذي لافائدة منه سوى أن يكون خطر علينا وربما يصطدم بكوكبنا جرم سماوي أو نيزك عملاق، والأجدر بالخالق الحكيم أن يحد الكون في مساحة مجرتنا فقط، فهل هذا يليق بخالق عليم حكيم خبير قدير؟

وسيقول المؤمنون بأن رب الرمال يحمي كوكبنا ويحرسه من كل شيء، وقبل 65 مليون سنة اصطدم حجر نيزكي بالأرض وساعد على انقراض الدينصورات وقضى على عدد كبير من الكائنات الحية. فهل كان هذا الخالق نائم في ذلك الوقت؟ أم الجواب الأكثر رجاحتاً لايوجد خالق وكوكبنا معرض لأخطار كثيرة.

حتى الأديان نشأة بدون هدف فقد كشف لنا العلم زيف الأديان والكثير من أخطائها وعدم منطقيتها وعدم صحتها العلمية وتناقضاها مع العلم ..

فبماذا يستدل الملحد بوجود خالق؟ فحينما استخدم عقلة عرف عدم صحة الفرضية التي تنص على وجود خالق .. فهل هذا يدل على نقص في شخصية الملحد أم كمال عقلي يجب أن يمتلكه كل عاقل؟

ولو نظرنا على أساس افتراض أن الخالق خلقنا لنعبده. فهل من حكمه ما فهذا الافتراض؟

هل هذا الآلهة خلقنا لنعبده لأنه يحتاجنا؟ أم خلقنا لنعبده لأنه متكبر ويريدنا أن نعبده فقط؟ أم هذا الخالق خلقنا لأنه مغرور بقدرته وعظمته ويريد أن يرينا قدرته وعلى هذا يجب أن نعبده ومن هذا المنطق نستنتج انه مريض نفسياً.. والاستنتاج الأهم مالحكمة العائدة على هذا الخالق من عبادة مخلوقاته له؟ فحسب ما عرفنا من الأديان بأنه لايحتاج لعبادتنا، والبعض الآخر يقول بأن العبادة هي أن نشكره على خلقه لنا وعلى نعمه، ولكن لايجب على هذا الخالق بأن يجعل حياة من يعبدونه ومن خلقهم في أخطار الكوارث الطبيعة التي تجعل حياتنا بائسة، فيموت الناس في فيضانات أو زلازل أو براكين بدون ذنب. فهل علي أن اشكره لأنه خلقني وجعل حياتي مهدده بالمخاطر ومايكدر صفوها؟. فلا خير في خالقاً سواناً ووهبنا حياة ولا خير في عبادته أساساً. أو يجعل حياة بعض مخلوقاته في مجاعات وأمراضاً وفقراً يقتلهم. أو صمته على الحروب التي تدمر سعادة البشر وهو لايحرك ساكناً وكأنه راضاً بما يحدث. أو على من يقتلون الأبرياء ويدينونهم بلا ذنب باسمه؟ فعلى ماذا اعبده على حياة مليئة بالكوارث والأمراض والجوع وحكم القوي على الضعيف. حتى في هذه الفرضية قد فشل الخالق في إعطاء حكمه من وراء عبادته. حتى افتراض خلق الإنسان كما تقول الميثلوجيات الدينية لم يكن كما نراه نحن الآن فقد فشل الخالق من وجود حكمه من خلق الإنسان، وكشف لنا العلم بأن الإنسان مر في مراحل تطورية عديدة حتى أصبح بالصورة التي نراه فيها الآن. فما الغرض من وجود خالق إذاً؟فالحياة والكائنات لم تخلق كما هي عليه اليوم بل مرت في العديد من المراحل التطورية وأخذت ملايين السنين حتى أصبحت على ماهي عليه اليوم.

إذن أين دور التدخل الإلهي في كوننا؟ من أين نستدل إذاً على دليل أو حكمه لوجود خالق؟
لا تبخل علينا عزيزي المسلم أو المؤمن بأخبارنا بوجود خالق .. عن سبب إيمانك به.
تكفينا حكمه واحد مقنعه لنؤمن بوجود خالقك المزعوم.

(وفي فترات متقدمة سيستطيع الإنسان الوصول للمزيد من أسرار وعلوم عالمنا، وليست الفرضيات التي خلقها أجدادنا والتي لم نحصد منها إلا أخطائها ومصائبها)